مختار ونهضة مصر
في أثناء الحرب العالمية الأولى تغير الوضع السياسي في مصر، وتوفي السلطان حسين كامل وتولى أحمد فؤاد السلطنة من بعده وانتهت الحرب العالمية الأولى في نوفمبر 1918 وبدأ تاريخ مصر السياسي في التغير. ففي اليوم التالي لانتهاء الحرب، توجهت مجموعة من الساسة المصريين وعلى رأسهم الزعيم سعد زغلول إلى دار المعتمد البريطاني يطالبونه بإنهاء الأحكام العرفية والسماح لوفد من المصريين للسفر للمشاركة في مؤتمر الصلح في باريس، وكان ذلك في اليوم الذي أصبح يعرف في تاريخنا الوطني بيوم (عيد الجهاد الوطني) وهو يوم 13 نوفمبر، وظلت مصر تحتفل به كل عام باعتباره عيدًا من أعيادنا الوطنية إلى أن توقف الاحتفال به بعد عام 1952.
وفي أعقاب حركة القادة السياسيين للمطالبة بالمشاركة في مؤتمر الصلح، تصاعدت الأحداث السياسية كما نعرفها جميعًا وبدأت حركة جمع التوكيلات للوفد ليمثل مصر في هذا المؤتمر وانتهى الأمر بالقبض على سعد زغلول ورفاقه ونفيهم إلى جزيرة مالطة، فانفجرت الثورة الشعبية المصرية في 9 مارس سنة 1919. وكانت هذه الأحداث الدامية في مصر التي انتهت بإرغام قوات الاحتلال على السماح بذهاب الوفد المصري لمؤتمر الصلح في باريس والإفراج عن سعد زغلول وزملائه، هي التي ألهمت الفنان الشاب مختار ـ الذي كان لا يزال يعمل في باريس ويتعاون مع لجنة الطلبة المصريين التي أصبحت سكرتارية تساعد وتدعم حركة الوفد المصري في المفاوضات ـ بأن يستخدم فن النحت في تجسيد رمز لهذا الحدث المهم في تاريخنا "الثورة المصرية". وفي البداية صنع مختار نموذجًا لتمثال "نهضة مصر"، وكان هذا النموذج يصور رجلاً عربيًّا يرتدي عقالاً وفي يده سيف يستعد لرفعه، فقد كان هذا هو الشكل الأول الذي تصوره مختار لتمثال النهضة، لكن بعد أن انتهى منه قام بتحطيمه ولم يتبقَ منه غير صورة له نشرها الناقد المصري الراحل جبرائيل بقطر في مقال له منشور ضمن كتيب صدر عام 1944 بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل مختار.
وبعد أن حطم مختار نموذجه الأول لتمثال النهضة انتقل بعد ذلك إلى نحت نموذج جديد للتمثال، تمثال "نهضة مصر" بشكله الحالي الذي نعرفه جميعا. وقد غير فيه تمامًا الفكرة الأساسية التي كانت قائمة في التمثال الأول، فانتقل إلى اختيار نموذج مختلف يصور الفلاحة المصرية وتمثال أبي الهول الذي ينهض من كبوته أو من صمته. وكان النموذج الثاني للتمثال والذي عرضه مختار في باريس هو الذي حصل على شهادة تقدير من معرض الفنانين الفرنسيين، وفي هذا الوقت وصل سعد زغلول وزملائه إلى فرنسا للمشاركة كمراقبين في مؤتمر الصلح في باريس، وشاهد سعد زغلول التمثال وكتب كلمات إلى مختار يحيي فيها هذا العمل، وتقول هذه الكلمات:
"حضرة المصور الماهر مختار، شاهدت المثال الذي رمزت به لنهضة مصر فوجدته أبلغ رمز للحقيقة و أنهض حجة على صحتها، فأهنئك على هذا الخيال الواسع وهذا الذوق السليم وهذا الفن الساحر و أهنئ مصر أنك من أبنائها العاملين على إحياء حاضرها وأرجو أن تتم هذه النهضة حتى تبلُغ كمالها وتشفع تمثال النهضة بتمثال الاستقلال
والسلام."
سعد زغلول
باريس 9 مايو سنة 1920
هذه الرسالة وثيقة نادرة كتبها سعد زغلول تحية لمختار على تمثال "نهضة مصر".
وفي أعقاب حركة القادة السياسيين للمطالبة بالمشاركة في مؤتمر الصلح، تصاعدت الأحداث السياسية كما نعرفها جميعًا وبدأت حركة جمع التوكيلات للوفد ليمثل مصر في هذا المؤتمر وانتهى الأمر بالقبض على سعد زغلول ورفاقه ونفيهم إلى جزيرة مالطة، فانفجرت الثورة الشعبية المصرية في 9 مارس سنة 1919. وكانت هذه الأحداث الدامية في مصر التي انتهت بإرغام قوات الاحتلال على السماح بذهاب الوفد المصري لمؤتمر الصلح في باريس والإفراج عن سعد زغلول وزملائه، هي التي ألهمت الفنان الشاب مختار ـ الذي كان لا يزال يعمل في باريس ويتعاون مع لجنة الطلبة المصريين التي أصبحت سكرتارية تساعد وتدعم حركة الوفد المصري في المفاوضات ـ بأن يستخدم فن النحت في تجسيد رمز لهذا الحدث المهم في تاريخنا "الثورة المصرية". وفي البداية صنع مختار نموذجًا لتمثال "نهضة مصر"، وكان هذا النموذج يصور رجلاً عربيًّا يرتدي عقالاً وفي يده سيف يستعد لرفعه، فقد كان هذا هو الشكل الأول الذي تصوره مختار لتمثال النهضة، لكن بعد أن انتهى منه قام بتحطيمه ولم يتبقَ منه غير صورة له نشرها الناقد المصري الراحل جبرائيل بقطر في مقال له منشور ضمن كتيب صدر عام 1944 بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل مختار.
وبعد أن حطم مختار نموذجه الأول لتمثال النهضة انتقل بعد ذلك إلى نحت نموذج جديد للتمثال، تمثال "نهضة مصر" بشكله الحالي الذي نعرفه جميعا. وقد غير فيه تمامًا الفكرة الأساسية التي كانت قائمة في التمثال الأول، فانتقل إلى اختيار نموذج مختلف يصور الفلاحة المصرية وتمثال أبي الهول الذي ينهض من كبوته أو من صمته. وكان النموذج الثاني للتمثال والذي عرضه مختار في باريس هو الذي حصل على شهادة تقدير من معرض الفنانين الفرنسيين، وفي هذا الوقت وصل سعد زغلول وزملائه إلى فرنسا للمشاركة كمراقبين في مؤتمر الصلح في باريس، وشاهد سعد زغلول التمثال وكتب كلمات إلى مختار يحيي فيها هذا العمل، وتقول هذه الكلمات:
"حضرة المصور الماهر مختار، شاهدت المثال الذي رمزت به لنهضة مصر فوجدته أبلغ رمز للحقيقة و أنهض حجة على صحتها، فأهنئك على هذا الخيال الواسع وهذا الذوق السليم وهذا الفن الساحر و أهنئ مصر أنك من أبنائها العاملين على إحياء حاضرها وأرجو أن تتم هذه النهضة حتى تبلُغ كمالها وتشفع تمثال النهضة بتمثال الاستقلال
والسلام."
سعد زغلول
باريس 9 مايو سنة 1920
هذه الرسالة وثيقة نادرة كتبها سعد زغلول تحية لمختار على تمثال "نهضة مصر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق